موضوع: الدفاع عن الرسول عليه الصلاة والسلام الخميس أكتوبر 15, 2009 2:05 pm
{بسم الله الرحمن الرحيم}
حديثنا اليوم عباد الله عن السراج المنير الذي امتن الله به علينا فأنار القلوب بعد ظلمتها و أحياها بعد مواتها و هداها بعد ضلالتها و أسعدها بعد شقوتها {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً *وَدَاعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً }الأحزاب46 عن عربا ض بن سارية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إني عبد الله وخاتم النبيين وفيه أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام ) قال: شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح لغيره قال جابر رضي الله عنه : ( رأيت رسول الله في ليلة أضحيان ـ أي ليلة مضيئة لا غيم فيها ـ فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم و إلى القمر و عليه حلة حمراء فإذا هو أحسن عندي من القمر ) رواه الترمذي فكان صلى الله عليه و سلم النور الساطع بعد ظلام دامس و كان صلى الله عليه و سلم الصباح بعد ليل طويل مظلم بهيم :
بزغ الصباح بنور وجهك بعدما *** غشت البرية ظلمة سوداء
فتفتقت بالنور أركان الدجى *** و سعى على الكون الفسيح ضياء
و مضى السلام على البسيطة صافياً *** تروى به الفيحاء و الجرداء
حتى صفت للكون أعظم شرعة *** فاضت بجود سخائها الأنحاء
يا سيد الثقلين يا نبع الهدى *** يا خير من سعدت به الأرجاء
حديثنا عن الرحمة المهداة و النعمة المسداة كنا على شفا حفرة من النار فأنقذنا الله به (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (آل عمران:103) كنا على جهل و ضلال و سؤ أخلاق فجاءنا بالهدى و النور و مكارم الأخلاق : ( إنما بعث لأتمم مكارم الأخلاق ) .
أنقذنا الله به من الموت على الكفر دخول النار كان اشفق بنا من الأم على ولدها عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش وهذه الدواب التي تقع في النار يقعن فيها فجعل ينزعهن ويغلبنه فيقتحمن فيها فأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تقحمون فيها ) رواه البخاري وقال تعالى: " لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم "
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله تعالى :" هذه المنة التي امتن الله بها على عباده هي اكبر النعم بل اجلها وهي الإمتنان عليهم بهذا الرسول الكريم الذي أنقذهم الله به من الضلالة وعصمهم به من التهلكة " ا.هـ
الحديث أيها الكرام عن خير البشر خير من مشى على الأرض و خير من طلعت عليه الشمس بل هو شمس الدنيا و ضياؤها بهجتها و سرورها ريقه دواء و نفثه شفاء و عرقه أطيب الطيب أجمل البشر و أبهى من الدرر يأسر القلوب و يجتذب الأفئدة متعة النظر و شفاء البصر إذا تكلم أساخت له لقلوب قبل الأسماع فلا تسل عما يحصل لها من السعادة و الإمتاع كم شفى قلباً ملتاعاً و كم هدى من أوشك على الهلاك و الضياع .
قال ابن الجوزي رحمه الله في وصفه : [ من تحركت لعظمته السواكن فحن إليه الجذع ، و كلمه الذئب ، و سبح في كفه الحصى ، و تزلزل له الجبل
كلٌ كنى عن شوقه بلسانه
يا جملة الجمال ، يا كل الكمال ، أنت واسطة العقد و زينة الدهر تزيد على الأنبياء زيادة الشمس على البدر ، و البحر على القطر و السماء على الأرض . أنت صدرهم و بدرهم و عليك يدور أمرهم] .
هذا النبي العظيم الذي أرسله الله هداية و رحمة للعالمين "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء:107)، فأخرج الله بهذا النبي الأمي عليه أفضل الصلاة والتسليم الناسَ من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، ومن العذاب إلى الرحمة، بعدما اجتالتهم الشياطين عن صراط الله المستقيم، فأشرقت الأرض بنور الرسالة المحمدية، ورغمت أنوف المبطلين وانخنس الكفر وأهله، مصداقاً لقوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) فما أعظم إحسانه البشرية و ما أحوجها في هذه العصور التي على فيها زبد الباطل و انتفش إلى نور الحق الذي جاء به
عباد الله بعد هذه المقدمة المقتضبة أن أعظم العظماء و سيد الأولياء و إمام الأتقياء دعوني أنقل لكم الخبر الفاجعة والمصيبة و الداهية خبر يقرح الأفئدة المؤمنين و يقض المضاجع المتقين فما ذلك الخبر؟
لقد سخر من رسول صلى الله عليه و سلم و أعتدي على شخصه الكريم فما اجل الخطب و ما أعظم المصاب حُق للعين أن تدمع و حق للقلب أن يحزن شلت يدٌ خطت الإساءة إلى خير البرية و سيد البشرية و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم .
في يوم الثلاثاء 26 / 8 / 1426هـ الموافق 30 سبتمبر الماضي تعرض الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم- إلى هجوم حاد وحملة حاقدة في الصحافة الدانمركية، والتي بدأت عندما أراد مؤلف كتب أطفال دانماركي أن يضع على غلاف كتابه صورة للرسول -صلى الله عليه وسلم- ورفض رسام الكاريكاتير المكلف بإعداد الغلاف رسم هذه الصورة، فقرر المؤلف إقامة مسابقة لرسم الرسول، حيث تقدم لها (12) رسام كاريكاتير أرسلوا (12) صورة مسيئة لرسولنا الكريم •
ولم تفوّت صحيفة (بيو لاندز بوستن) اليمينية المتطرفة والتابعة للحزب الحاكم هذه الفرصة، في التقاط هذه الصور ونشرها استهانة بمشاعر أكثر من مليار و(300) مليون مسلم ، بالرغم من أن مسلمي الدانمارك والبالغ عددهم (200) ألف، ( الإسلام هو الديانة الثانية في الدانمارك بعد المسيحية البروتستانتية ) حاولوا الاحتجاج على القرار، وذلك عن طريق رفع مذكرة إلى الحكومة الدانماركية، إلا أن الجواب كان هو الرفض، وإصرار الحكومة على دعم حملة الهجوم تحت مسمى ''حرية التعبير''
بل كان الموقف الحكومي الدانماركي أكثر شراسة برفض المدعي العام تلبية طلب الجالية الإسلامية برفع دعوى قضائية ضد الصحيفة
و لنا مع هذه الحادثة وقفات :
الأولى : عظم هذه الجريمة فهي تنتهك حرمة أعظم رجل مشى على الأرض رسول الرحمة و الهدى والاعتداء عليه صلى الله عليه و سلم اعتداء عل المولى جل و علا و اعتداء على الدين الذي جاء به صلى الله عليه و سلم ولذا فقد بين العلماء حكم من سب النبي صلى الله عليه و سلم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : [ من سب النبي من مسلم أو كافر فانه يجب قتله هذا مذهب عليه عامة أهل العلم قال ابن المنذر : [ أجمع عوام أهل العلم على أن حد من سب النبي صلى الله عليه و سلم القتل ] و ممن قاله مالك و الليث و أحمد و إسحاق و هو مذهب الشافعي رحمهم الله جميعاً
قال عبد الله بن الحكم : [ من سب النبي صلى الله عليه و سلم من مسلم أو كافر قتل و لم يستتب .
الثانية : التأكيد على عقيد الولاء و البراء فالكفر ملة واحدة و هو يناوب الأدوار في كر الدين و بغضه و العداوة له و لأهلة فمرة هجوم على الإسلام و مرة اعتداء على القرآن و اليوم العداوة لرسول الله صلى الله عليه و سلم و قد أوضح الله هذا الأمر و جلاله قال تعالى : ({وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }البقرة120
و قال تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً)
فالعداوة لرسول الله و دينه و كتابه باقية إلى قيامة الساعة وهي رسالة إلى كل مسلم أن يجدد عقيدته فيحب رسول الله صلى الله عليه و سلم و حزبه المؤمنين و يكره حزب الشيطان الكافرين .
الوقفة الثالثة :أن هذه الهجمة من أعداء الدين وأعداد النبي صلى الله عليه و سلم هي اختبار لنا كمسلمين هل نهب لنصرة نبينا صلى الله عليه وسلم و ندافع عنه أم نبقى في غفلتنا و نومنا و إلا فالله سبحانه قد تكفل بالدفاع عن نبيه و مصطفاه وقال الله جل شأنه : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } (61) سورة التوبة .
وقال الله سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا } (57) سورة الأحزاب . وقال تعالى : { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ . إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ } ( 94 / 95 ) سورة الحجر . و قال تعالى : (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }المائدة67
و لذا يجب على كل مسلم أن يهب إلى نصرة حبيبة صلى الله عليه و سلم و يدافع عنه بكل ما يملك .
أسأل الله العلي العظيم أن يرزقنا حبه ، وأن يحشرنا في زمرته ، وأن يجعلنا فداء له ولدينه